جنين - نبأ - علا مرشود
تتوالى الأخبار عن عمليات للمقاومة منذ بدء الاحتلال وحتى اليوم، وتبعًا لعدة عوامل تتصاعد وتيرة هذه العمليات أو تقل من فترة إلى أخرى، وتختلف مناطق الاشتباك والتصدي، فتارة تتركز في القدس، وتارة في غزة، وتارة أخرى في شمال الضفة أو جنوبها كما هو الحال في هذه الأيام.
ويتصدر شمال الضفة الأخبار متمثلًا في جنين ونابلس وطوباس، فخلال الأسبوع الماضي مثلًا أصيب جندي "إسرائيلي" خلال اشتباك مسلح وقع في بلدة برقين قرب جنين، وقبل ذلك بأيام تعرض جنود الاحتلال لإطلاق نار من قبل مقاومين في طوباس وبعد ذلك أطلق مقاومون النار تجاه حافلة للمستوطنين في سلواد، وأخيرًا إطلاق نار استهدف سيارة أمن "إسرائيلية" قرب مستوطنة شافي شمرون غرب نابلس.
ويعتقد الباحث والمختص بالشأن السياسي سليمان بشارات أن هذه العمليات وغيرها قد تشهد تطورًا خلال المرحلة المقبلة إذا ما وجد هذا العمل دعما وحاضنة تنظيمية، ويوافقه الرأي المحلل السياسي ياسين عز الدين حيث يؤكد أن استمرار تقدم المقاومة مرهون بوجود دعم شعبي واسع، وقدرتها على التوسع في مناطق أوسع بالضفة الغربية، ودعم مادي وسياسي وإعلامي تقدمه فصائل المقاومة.
وأشار بشارات خلال حواره مع "نبأ" إلى حالة التتابع التي يشهدها العمل المسلح وقال: "إن هذا مرتبط بوجود نواة لمجموعات مقاومة مسلحة في جنين ونابلس، الأمر الذي أدى خلق النموذج، وبالتالي إما أن يكون هذا العمل امتداد لهذه المجموعات بمعنى بداية توسع لها بمناطق جغرافية متعددة، أو تاثر بها وانخراط شبان آخرين بالعمل المقاوم من باب المحاكاة لفعلها".
وفي السياق نفسه أكد المحلل السياسي ياسين عز الدين خلال حديثه لـ"نبأ" أن الاحتلال سيكون في ورطة كبيرة إذا تمددت رقعة العمليات المسلحة إلى رام الله ووسط الضفة، بعد أن كانت محصورة في شمالها (جنين ونابلس وطوباس تحديدًا) معظم الفترة الأخيرة.
ويوضح بشارات العوامل والأسباب لعودة هذا الحضورالمتتابع زمانيا للعمل المقاوم، "أولا: وجود الرمز أو النموذج الملهم للشبان الفلسطينيين أمثال النابلسي ورعد حازم والعامودي وغيرهم من الشهداء، ثانيا: تصاعد اعتداءات الاحتلال وعمليات الاغتيال والتنكيل التي باتت تعزز مبدأ العمل المقاوم لمواجهة الاحتلال، ثالثا: الاحتفاء الجماهيري، وبداية عودة البيئة الحاضنة الشعبية للعمل المسلح، رابعا: حالة الانغلاق السياسي في القضية الفلسطينية".
ومن جهته أكد المحلل السياسي ياسين عز الدين على وجود شكل من أشكال السباق بين المقاومة وجيش الاحتلال في الضفة الغربية، ويقول: "المقاومة تسعى لإيجاد موطئ قدم لها في أوسع نطاق ممكن بالضفة الغربية وتعمل على مراكمة السلاح وتطوير هجماتها واستهدافها للاحتلال وتوسيع نطاق عملها، وفي المقابل يسعى الاحتلال لملاحقة المقاومين واعتقالهم واغتيالهم ومصادرة سلاحهم".
ويعقب عز الدين: "في المجمل فإن المقاومة تحافظ على تقدمها في السباق، فعند إطلاق حملة كاسر الأمواج كان العمل منحصرًا في جنين، والآن أصبح في نابلس وطوباس كما نرى بدايات عمل مسلح في طولكرم ورام الله والخليل وبيت لحم".
ويلفت الكاتب والمحلل السياسي عز الدين إلى عدم وجود قيادة مركزية للعمل المقاوم إنما هي أقرب لمجموعات متفرقة تسعى لتطوير أدائها بما فيه التنسيق بين بعضها البعض، وعلى الرغم من ذلك إلا أن نوعية عمليات إطلاق النار أصبحت أكثر جرأة، وأصبحت توقع إصابات بشرية ومادية بشكل أكبر.
في الأثناء، يستهدف الاحتلال العمل المقاوم وكل من يمكن أن يقدم المساعدة لمثل هذه الأعمال ويتعرض المقاومون في الضفة لكل أشكال الملاحقة كالمطاردة والاعتقال والاغتيال، كما يشن الاحتلال حملة اعتقالات واسعة تستهدف القيادات السياسية إضافة لمن يشتبه بوجود نشاط عسكري لهم وذلك في صفوف معظم التنظيمات وبالأخص حماس والجهاد والجبهة الشعبية.
وذكر عز الدين أن الاحتلال وسع حملته لتشمل تجار السلاح رغم أن غالبيتهم لا علاقة لهم بالمقاومة، إلا أنه يخشى من وصول السلاح في نهاية المطاف لمقاومين، ويضيف: "كما زاد نشاطه على الحدود مع الأردن ليستهدف نشاط تهريب السلاح وهو أيضًا ليس مرتبطًا بالمقاومة لكن كما أسفلت هنالك خشية من تسرب هذا السلاح ووصوله لمقاومين".
ويرى عزالدين أن السلطة تحاول مساندة الاحتلال رغم تراجع قبضتها على الأرض، وذلك من خلال الاعتقالات والمعلومات وأيضًا من خلال افتعال الفتن والمشاكل الداخلية ونشر الشائعات المغرضة عن المقاومين.