نبأ- وكالة الصحافة الوطنية

نبأ- وكالة الصحافة الوطنية

"نبأ" حاورت صديقه المقرّب

محمد حامد .. شهيد سلواد إذ يحقق حُلمه

نبأ-رام الله-رنيم علوي:

حناجرٌ عالية تصدح قائلة " محمد دمَك مقدّس، ويا أم الشهيد نيالك يا ريت أمي بدالك، فليسقط غصن الزيتون ولتحيا البندقية" إنهم رفقاء شهيد الفجر، محمد عبد الله الساحر من بلدة سلواد شرق رام الله، ابن الستةَ عشرةَ عاماً اختارته رصاصات الاحتلال لِـينضم إلى موكب الشهداء، أصيب مساء الجمعة ثم اعتقل، وما أن حلّ فجر السبت حتى أعلن الارتباط الفلسطيني استشهاده.

وصف الشهيد

تحدث شقيق الروح عبيدة حامد عن صديقه الشهيد، والدموع مرافقة محياه طيلة الحديث، وبصوتٍ متردد وصف مدى قوة علاقته التي ترتبط بمحمد، فقد كان يراه بشكلٍ مستمر ولا يخيل أن يمر يوماً دون أن يلتقيا.

وصف عبيدة حامد لِـوكالة " نبأ" صديقه بأنه طّيب ولا يوجد من هو أطيب منه، حنون جداً، بالإضافة إلى أنه خلوقٌ دائم الصلاة وذكر الله، وبصوتٍ خافت، قال: " كنّا زي الأخوة ومن 4 سنين تقريباً صرلنا كل يوم بنشوف بعض وما بنقدر نمرر اليوم إلا بلقائنا".

عبيدة تساءل بشكلٍ يعجز عقله عن التصديق، كيف للأيام أن تمر الآن دون أن يلتقي "بشقيق روحه" بحسب وصفه، كيف سيمر علقم الفراق هذا؟

حلم الشهيد

من حلمِ الدنيا إلى السماء، الشهيد الأسمر سعى دائماً إلى تحقيق حلمه بأن يكون معروفاً على نطاقٍ واسع، واليوم تحقق هذا الحلم بأن أصبح قمراً من أقمار سلواد، بات اسمه يتردد بين الصغار والكبار.

ومن حديثٍ إلى آخر، وصل كلام صديقه إلى أنه سيحقق حلم محمد، الذي كان يدور حول عشقه للتصوير الفوتغرافي، وأردف " كان صديقي يسعى إلى أن يحقق الشهرة وأن يصبح مشهوراً ولكنه استهشد قبل تحقيق هذا الحلم، وأنا سأسعى جاهداً لأن أحقق حلمه على نفسي".

من شهيد المنام إلى الحقيقة

قبل سنةٍ من اليوم، في حوارٍ بين عبيدة ومحمد يتحدثان فيه عن منامٍ أقبّل على الشهيد بأنه رأى نفسه مستهشداً محملاً على الأكتاف، ما أن فزع من نومه حتى انهار على سجادة الصلاة داعياً ربّه بأن ينالها.

حلمه تحول إلى حقيقة، من شهيد المنام إلى الحقيقة، من معرفة الدنيا إلى أحضان السماء، كلٌ له طريق خاصة في وصول محمد إلى حلمه الذي بات يرافقه طيلة حياته حتى تحولت أحلام الدنيا إلى حقيقة.

تلقي خبر الاستشهاد

خيّم الصمت قليلاً، ثم قال عبيدة " أول ما أصيب محمد خفت بعدين اتطمنت عليه إنه إصابته مش كثير خطيرة ورح يرجعلنا عن قريب".

ما أن خدع عبيد نفسه بهذه الكلمات حتى حلّ في سبات عميقٍ، إلا أنه ومثل ما يقال قلب الصديقيين واحد، عند الساعة 2 فجراً فزّ من نومه منزعجاً، قلبه انقبض وعقله تشتت، وأول ما خطر بباله " محمد" فأسرع إلى هاتفه ليرى إن كان صديقه بخير، والنتيجة؟ " خبر استشهاد شقيق الروح".

قال حامد " من أول ما شفت الخبر إلى الوقت الحالي وأنا في حالة صدمة كبيرة، مش مصدق إنه استشهد وما رح اصدق غير لما أشوفه".

ومن الجدير بالذكر أن الاحتلال الإسرائيلي اعتقل محمد الساحر بعد إصابته مساء أمس الجمعة دون معرفة مدى خطورة الإصابة على حياته، وأعلن عن استشهاد فجر اليوم السبت، وما زالت جثمانه محجوزة.

الشهيد الكريم

عاد الصديق وكرر كرم صديقه، " كنا شو ما نطلب منه ما يحكي لاء، رقبته سداده إلنا، عندما نحتاجه موجود، محمد صاحب غالي وقديم راح وأخذ روحي معه".

وتمنى الصديق عبيدة من الله أن يتقبل شهادة محمد، ويرمي الصبر على قلب أمه؛ مشيراً بقوله: “ضربتين بالراس بتوجع، شهيد وأسير" ودعا الله بقلبٍ راجٍ أن يلهمه الصبر على فراق صديقه.

ومن جهته، قال نادي الأسير، إنّ جريمة قتل الطفل حامد تُضاف إلى قائمة طويلة من الجرائم التي يواصل الاحتلال الإسرائيليّ تنفيذها، فلم يكتف جنود الاحتلال بالأمس بإطلاق النار عليه بهدف قتله، بل قاموا باعتقاله كما جرى مع المئات من الجرحى بهدف تصفيتهم، والتنكيل بهم، وقهر عائلاتهم، عدا عن جريمة احتجاز جثامين الشهداء في الثلاجات الذي يواصل الاحتلال في تنفيذها بحق العشرات من الشهداء.

وأضاف نادي الأسير، أنّه وباستشهاد المعتقل محمد عبد الله حامد، ترتفع قائمة شهداء الحركة الأسيرة إلى (229) شهيداً، علما أنّ الطفل حامد هو الشهيد الثاني الذي يرتقي هذا العام بعد إصابته واعتقاله، فسبق أن ارتقى المعتقل الشهيد داود الزبيدي من مخيم جنين، بعد أنّ أعلن الاحتلال عن اعتقاله بعد نقله لتقلي العلاج في مستشفى "رمبام" الإسرائيليّ، ويواصل الاحتلال احتجاز جثمانه حتّى اليوم.

ويذكر أن، الشهيد محمد حامد لديه شقيق معتقل وهو أحمد حامد، اعتقل من تاريخ 14 نيسان/أبريل 2022، وهو موقوف، ويقبع في سجن "عوفر".

وكالة الصحافة الوطنية