نبأ- وكالة الصحافة الوطنية

نبأ- وكالة الصحافة الوطنية

"نبأ" تسلّط الضوء على سيرته في ضيافة أسرته..

المقدسي عمر صالح الشريف.. عشرون عامًا في الأسر وهمةٌ تناطح السحاب

القدس – نبأ – إسلام عمارنة

بعد استشهاد الطفل محمد الدرة في عام 2000، تأثر عمر كثيراً، وبعدها، يبدو أنها انقلبت حياته وتغير هدفه من الحياة.

الأسير المقدسي عمر صالح الشريف (40عاما) من بلدة بيت حنينا في القدس المحتلة، يدخل عامه الاعتقالي الـ 20 على التوالي في سجون الاحتلال.

عائلته، تفاجأت بشكل كبير باعتقاله، لأن مسار حياته كان بعيداً جداً عن المسار السياسي.

واعتقل المجاهد المقدسي عمر الشريف بتاريخ 19/6/2003، وحكمت عليه سلطات الاحتلال بالسجن مدى الحياة (18 مؤبدا)، بعد أن اتهمته بالانتماء لكتائب الشهيد عز الدين القسام والمشاركة في عملها العسكري.

عملية الحافلة 14

وحمل الاحتلال القسامي الشريف المسؤولية عن مقتل 18 مستوطناً وجرح 105 آخرين، سقطوا في العملية الاستشهادية التي نفذها الشهيد عبد المعطي شبانة من الخليل بتاريخ 11/6/2003 في حافلة رقم 14 بشارع يافا في القدس المحتلة.

وقبيل العملية قام عمر بجمع معلومات عن حافلات المستوطنين ومحطات الركاب, وقد اختار حافلة من مقطورتين وعادة ما تكون مكتظةً بالمستوطنين، وقد صعد به وتفقد طريق سيرها قبل العملية.

وعمل الشريف على توفير سيارة لمتابعة الحافلات واستخدمها لاحقاً في نقل الاستشهادي شبانة، إضافة إلى توفير الملابس التي تنكر بها منفذ العملية.

ما قبل الاعتقال

"أكثر ما يميز أخي عمر، أن شخصيته كانت قوية، وعندما يكون لديه هدف، يضعه نصب عينيه، ويفكر بكل الطرق لتحقيقه، ولو بعد حين".

هكذا بدأت دعاء الشريف حديثها عن أخيها القساميّ المجاهد عمر، وأضافت أنه كان يمتاز بالقوة الجسدية، ويهتم بنفسه وهندامه بشكل كبير.

"شخصيته كانت وما زالت قيادية، ومسؤول جدا، وهو اجتماعي يحب أن يكوّن صداقات، كان يهتم بشكله وملابسه وشخصيته، كان يحب أن يكون من الشباب المنعمة في حياتها".

وأشارت أنه كان يتابع الأخبار كثيراً، "أكثر مشهد أثر فيه يوم اغتيال الطفل محمد الدرة، انهار حينها، شعرت أن هذا المشهد أثر فيه كثيراً وأثار لديه روح الجهاد والمقاومة، وشاء له الله أن يمشي في هذا الطريق".

قريبته نسيبة، قالت أنه كان مرح جداً، يحب أن يبسط من حوله بالمقالب المنعشة والمزح الممتع، وأنه كان رياضياً، فهو بِكر والديه، الابن المدلل، غير محروماً من شيء، وكان والده يركن عليه في كثير من الأمور، ويتحمل المسؤولية.

أما عمته صباح الشريف قالت أن عمر كان يبادر بالخير دائماً، حتى دون أن يطلب أحد منه!

ومن بين المواقف الجميلة، استذكرت صباح عندما اشترى عمر سيارة، "قال أول مشوار لعمتي، اصطحبني معه على الخليل وانبسطنا كثيرا"

"في يوم كنت مريضة، وأخذني للعيادة واهتم بي بشكل كبير، كأنه ابنٌ لي، فهو أول مولود لأخي صالح أبو عمر رحمة الله عليه، كان يملأ حياتنا سعادة وبهجة".

ليلة اعتقاله

وعن صدمة وفاجعة يوم اعتقال عمر، قالت شقيقته دعاء إن سيارة مدججة بكل أنواع الجنود والأسلحة تواجدت أمام المنزل، وما هي إلا ثوان معدودة ، وبلمح البصر امتلأ الحي عن بكرة أبيه بمثل هذه السيارة ، وطائرتين حربيتين تحومان في السماء القريبة.

وأضافت: "كان الخوف يلفنا من كل جانب، فتحت باب المنزل بقوة وبدأت بالصراخ، جنود في كل مكان، هذا الهلع لم نكن اعتدنا عليه بعد..فهذه المرة الاولى، ثم اختلست النظر من نافذة المنزل، لأرى أن المنطقة جميعها قد غُطّت بالجنود والكلاب والأسلحة، وكأنهم يحضرون لعمل عسكري مهيب".

وأشارت أنه وبعد دقائق معدودة ، طرقوا باب المنزل بطريقة وحشية بأقل تعبير، "تم محاصرتي وأخوتي الصغار وأمي وابنة عمتي في غرفة واحدة ، جبان منهم أجلسنا وصوب بندقيته الهشة علينا كي لا نتحرك .. أما عمر وأخي عامر فعصبت عيونهم وتم اقتيادهم مع ثلة من الجبناء، عاثوا في المنزل فسادا كبيرا لا يمكن حسمه بكلمات ، قال المحقق لأمي: يبدو أنك لم تربي أبنائك جيدا"!

وعبرت عن شعورها وعائلتها بقولها: "رفع رأسنا عاليا بالأسد الذي كان مخفيا ، بالجندي المجهول الذي عرف وعلا صيته بعد هذه الحادثة، ربنا وحده يعلم بمدى الألم والحزن واللوعة والشوق، وربنا وحده يعلم أيضا أن الفخر والحب والأمل لا ينقطعون أبدا".

وختمت بدعاء: "نسأل الله القادر المقتدر الجبار أن يجعل الفرج قريبا عاجلا غير آجل وأن يجبر قلبه وقلوبنا، إنه سميع قريب مجيب الدعاء".

دراسته

أما عن دراسة عمر، فقالت شقيقته دعاء أنه كان عاملاً في الجامعة العبرية، ويدرس هندسة الحاسوب في آنٍ واحد، وقبل تخرجه بوقتٍ قصير، تم اعتقاله.

وأضافت أنه وفي السجن، بدأ دراسته من جديد بإعادة التوجيهي، ودراسة البكالوريوس، وأخيراً أنهى تخصصين في الماجستير، أولهم تخصص علوم سياسية والآخر تخصص الاقتصاد الإسلامي، ودرس العلوم الشرعية، من التجويد والفقه والحديث، وأصبح قارئ نهم، بكل اللغات، العربية والانجليزية والعبرية.

داخل السجن

ويعتبر عمر من الأسرى الفاعلين داخل السجون ويتمتع بعلاقات وطيدة مع كافة الأسرى، وقد تعرض للعقاب أكثر من مرة على خلفية مواقفه المشرفة داخل قلاع الأسر.

كما شارك في الإضراب المفتوح عن الطعام عدة مرات، وتنقل في كافة السجون ويقبع حاليا في "نفحة" الصحراوي.

وحرم الأسير الشريف من وداع والده الذي توفي عام 2018م عن عمر يناهز الـ 62 عاماً.

ورغم أنه تم ادراج اسمه من ضمن أخطر 40 أسير لا يمكن الإفراج عنهم بحال من الأحوال.. الا أن الأمل لدى عمر وعائلته لا زال معقوداً بالله، بالفرج الحتميّ والقريب.

وكالة الصحافة الوطنية