جنين - نبأ - علا مرشود
برز في الفترة الأخيرة وخاصة بعد تصاعد عمليات المقاومة والمواجهة في جنين والتي تضاعفت حدتها بعد ارتقاء الشهيد جميل العموري ما اصطلح على تسميته "كتيبة جنين"، حيث تحول مخيم جنين إلى "غزة الصغرى" حسب ما وصفها به الكاتب الاسرائيلي إيلور ليفي، و شكلت حادثة نفق سجن جلبوع، وتَمكُن 6 من الأسرى الفلسطينيين من الفرار مفصلًا مهمًا وجه كل الأنظار إلى مخيم جنين الذي كان من المتوقع أن يحتضنهم.
تعتبر الكتيبة وتحديدًا في محافظة جنين رأس حربة المواجهة والمقاومة للاحتلال الصهيوني؛ فهي العمود الفقري للمقاومة في جنين، وتعمل ليلًا ونهارًا للتصدي للاقتحامات المتكررة والمستمرة التي تقوم بها قوات الاحتلال سواء للمخيم أو لمحافظة جنين، حيث شكلت هذه الكتيبة العديد من المجموعات التي تتولى الحراسة والدفاع عن المخيم ومن خلال التصدي للجيش وإيقاع الخسائر بهم سواء أكانت مادية أو بشرية، وقد تبنت مقتل العميد في القوات الخاصة الصهيونية المدعو نعوم راز في محيط منطقة الهدف القريبة من المخيم، في 13 أيار/مايو
2022، أثناء اقتحام الجيش الإسرائيلي لجنين واعتقال قائد كتيبة جنين المجاهد الأسير محمود الدبعي بعد اقتحام منزله.
وفي حوار خاص بنبأ أجريناه مع المحلل السياسي والمختص بالشأن الفلسطيني الإسرائيلي د.عقل صلاح أكد أن دور كتيبة جنين مركزي في مقاومة ومواجهة والتصدي للاحتلال وفي الدفاع عن المحافظة بشكل عام والمخيم بشكل خاص.
ووفق صلاح فإن جيل الشباب يرفض الاحتلال ويتطلع للخلاص منه، وفقد الأمل في الحل السياسي عكس ما يقال ويشاع عن هذا الجيل، وعن ذلك يقول: "الشباب الفلسطيني المنتمي للكتيبة بشكل خاص وللمقاومة بشكل عام قادر على المواجهة والدفاع عن الوطن فالأقصى والأسرى عند الشباب المقاوم خط أحمر، والشباب عندهم الاستعداد لتقديم أرواحهم رخيصة مقابل القدس".
ويضيف: "لقد فقد الشباب الفلسطيني الأمل في الحل السياسي ولم يعد مقتنع بكل الحلول ويرفض التعايش مع الاحتلال، والحل الوحيد من وجهة نظرهم الذي يفهمه الاحتلال هو القوة وتحديدًا القوة المسلحة المتمثلة في المقاومة والعمليات الفدائية".
ويلاحظ حضور القيادات التقليدية للمقاومة في مخيم جنين رغم غيابها عن ساحة الضفة ككل، إلا أنها في مخيم جنين لا زالت تتمثل بعدد من رموز الحالة الوطنية والنضالية مثل عائلة الاسير القيادي في حماس جمال ابو الهيجا وزكريا زبيدي من فتح وبسام السعدي من الجهاد الاسلامي، الأمر الذي خلق نوع من الوحدة وأعاد تشكيل الغرفة المشتركة على غرار تلك التي قادت عمليات المقاومة إبان الاجتياح الإسرائيلي عام 2002، ويرى صلاح أن قدرة الشباب على الحشد والتعبئة وتشكيل المجموعات مستمرة على الرغم من استشهاد العديد من القادة والأعضاء المقاومين.
وعن دخول مدن أخرى في الضفة الغربية على خط المواجهة يعتقد صلاح أن ذلك مقرون في تطور التصعيد الصهيوني واستهداف المقدسات والأسرى عندها يمكن أن تدخل طولكرم للتصعيد والمواجهة، ويقول: "طولكرم ستكون المحافظة الثالثة في مواجهة الاحتلال من خلال تشكيل مجموعات مسلحة قادرة على تنظيم عملها في مواجهة الاحتلال والاقتحام المستمر لكل محافظة، أما اختيار محافظة طولكرم فذلك لأنها المحافظة التي يوجد بها وزن وثقل مقبول وتتمتع بعلاقات قوية مع كتيبة جنين والمنتمية لحركة الجهاد الإسلامي".
ومن جهته يعتقد الباحث في مؤسسة يبوس أ.سليمان بشارات أن كل النماذج الموجودة والمتمثلة في كتيبتي جنين ونابلس هي أقرب ما تكون للإجتهاد الميداني ومحاولات التأطير الذاتي، أي أنه حتى هذه اللحظة لا يوجد عمل منظم ومتكامل في الضفة.
ويُرجع ذلك إلى ما قام به الاحتلال الإسرائيلي من تفكيك لبنية الفصائل الفلسطينية بالضفة منذ الاجتياح وصولًا إلى اليوم إضافة إلى ما تقوم به السلطة الفلسطينية من جهد أمني لتحقيق هذا الهدف.
ويشير بشارات إلى وجود عوامل تعزز وتدفع بهذا الاتجاه أولها الانتهاكات الاسرائيلية المتصاعدة وكذلك جرائم المستوطنين وتوفير الحماية لهم من قبل قوات الاحتلال، إضافة لفقدان الثقة بالخيار السياسي القائمة على عملية السلام والتي لم توفر الحماية للشعب الفلسطيني.
ويعقب: "هذا النموذج، رغم أنه قائم على الاجتهاد الشخصي، باعتقادي بات يشكل تمهيد لبنية أفضل من السابق في مقاومة الاحتلال، بمعنى أنه قد يؤسس لنواة مصغرة لنماذج أخرى قد تحاكي هذا النموذج في مدن وقرى ومخيمات، لكن كل هذا يحتاج إلى حاضنة شعبية بالاساس، ثم إلى توفير الإمكانيات وهو ما يعني أن تطور النموذج سيكون بطيء".
ويؤكد أيضًا أنه من الممكن أن يعزز من حضور هذه النماذج في حال حدوث تغيرات متطورة ميدانيا خصوصا إن صعد الاحتلال من عمليات الاستهداف والاغتيالات وتصفية المقاومين.