رام الله-نبأ-رنيم علوي:
تقول الأرض "رحل الذين نحبهم وبقي ستار الأغرار، يرحل الصحفي برصاصة اغتيال إسرائيلية كنوعٍ من قمع صوت حرية الصحافة".
وهذا ما يبرهن واقع حرية الصحافة في فلسطين، والمخاطر التي تلصق على جبين كل ما قال " أنا صحافة" مع رفع بطاقة الإثبات، رغم كل هذا إلا أنه يغتال، ويعتقل، ويمنع من نقل الصورة، وهنا هذا التقرير يعرض قصص ثلةٍ من أبناء الوطن الصحفيين الذين تعرضوا لقمعٍ في ممارسة مهنتهم بحرية.
كيف تقمع الحرية؟ ولماذا؟
تبدأ الحديث الصحفية رولا إبراهيم حسنين بأن الصحافة في فلسطين هي من أكثر المهن التي تتعرض لانتهاكات من عدة اتجاهاتٍ لا يمكن حصرها فقط بالاحتلال الإستعماري بل وداخلية أيضاً، وإن إغتيال الزميلة شيرين أبو عاقلة هذه الأيام أثبتت بأن الصحفي عندما يكون في الميدان هو بين الحياة والموت، ولا يمكن له التنبؤ في احتمالية عودته إلى بيته، وبالتالي فإن هذا الاستهداف قائم من أجل طمس الحقيقة التي يعمل الصحفي الفلسطيني على نقلها، وعلى النطاق الداخلي هناك انتهاكات تعرضت لها الصحفيات الفلسطينيات في رام الله عقب مقتل الناشط نزار بنات من ضرب وشتم وابتزاز ومصادرة معدات.
وأردفت رولا أبو حسنين لِـوكالة "نبأ": " الصحفي الفلسطيني يعيش أكبر خطر وهو تهديد حياة، وأكبر مثال على ذلك ليس شرين فقط بل الصحفي ياسر مرتجى الذي ارتقى ابان الحرب على غزة، وكان نموذجاً في تهديد الحياة وسلامة الصحفي الفلسطيني من قبل قوات الاحتلال".
تابعت، بأنه لا يمكن وصف الاحتلال الذي يدعي الديمقراطية بأنه يحترم الحقوق الصحفية وحرية الرأي والتعبير؛ وذلك لأن افعاله في الميدان عكس ذلك فهو في سعيٍ دائم لمنع نقل الصور بصورتها الصحيحة في كل مختلف منطاق الدولة الفلسطينية المحتلة.
وذكرت حسنين أن حالها كحال الكثير من الصحفيات والصحفيين الذين تعرضوا لانتهاك حقوق في إيصال المعلومة والتي سواء كانت في الميدان أو عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي حادثة شخصية قالت: " أنا تعرضت لتهديدات غير مباشرة من عدة جهات بضرورة عدم توجيه الانتقادات وتحديداً للسلطة الوطنية الفلسطينية، فقد تعرضت لمخاطر وذلك لِعدم التحريض على وسائل التواصل الاجتماعي، وقد حاول الاحتلال اسكاتنا من خلال العمل على حجب صفحاتنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وقد تعرّض حسابي الفيسبوك للحذف 4 مرات وحالياً الحساب الجديد معرّض للتقييد نتيجة نشر الصورة التي يرسمها الاحتلال على أرض الواقع ضد أبناء الشعب الفلسطيني".
وأشارت، بأنه وخلال تواصلها مع المؤسسات الرسمية للإعلام الرقمي قيل لها بأن حكومة الاحتلال رفعت لإدارة موقع الفيسبوك والذي مقرّه في " تل أبيب" مجموعة من الأسماء سواء كانت شخصية أو إعلامية اتدعت بأنها صفحات تدعو إلى الإرهاب والتحريض ضد المجتمع الإسرائيلي، وبالتالي طالبت بضرورة حظرهم، وفعلاً تمت الاستجابة وحظرنا عن مواقع التواصل.
ونوهت إلى أنه وقبل 4 سنوات، أيضاً الحكومة الفلسطينية قامت بإلغاء أكثر من 50 موقع إخباري فلسطيني يرونه بأنه معارض لهم، وفي تصريحٍ ذكر من مقاضات المؤسسات الرقمية مع إدارة الفيسبوك قيل بأن " الاحتلال على إطلاعٍ دائم في محاولة حجب المواقع الفلسطينية المحرضة بالمقابل فإن السلطة الفلسطينية لم تتواصل معنا ولو لمرة واحد من أجل نصرة المحتوى الفلسطيني وقضيته".
ومن جهتها، قالت الصحفية حنين زيداني بأن مفهوم الحرية مهما كان وقعه على الصحفي أو لاء غير موجودة في فلسطين، فالحرية يتبعها الخط المتواصل كالاستقلالية والتعبير عن الرأي دون التعرض لأي من الانتهاكاتِ المعروفة، وهذا ما يعكس الواقع الصحيح لفلسطين.
وأضافت حنين زيداني لِـوكالة " نبأ": " إن وجهت الزاوية إلى الاحتلال فاليوم الشاهد الرئيسي على انتهاكاته بحق الصحفيين هي الزميلة شرين أبو عاقلة التي كانت في زاوية محمية وترتدي السترة الواقية مع كلمة الصحافة على صدرها مع ذلك فقد تم استهدافها بشكل مباشر، وهذا ما يوضح افتقارنا لحرية الصحافة في بلادنا".
وعلى ذات السياق، قال الصحفي علي عبيدات لِـوكالة " نبأ" بأن حرية الصحافة في فلسطين ربما هي الأقل على مستوى العالم، فلا يتيح الاحتلال الإسرائيلي للصحافيين الفلسطينيين التغطية ويستهدفهم بشكلٍ دائم، إذ أن هناك ما يقارب 49 شهيد من الصفحيين في فلسطين ارتقى منذ عام الـ 2000 حتى هذا اليوم، وهناك ما يقارب 15 صحفي معتقل في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وآخر استهدافات الاحتلال كانت للزميلة شيرين أبو عاقلة الشاهدة الشهيدة التي ارتقت أثناء تأديتها واجبها الوطني في مخيم جنين.
واسترسل علي عبيدات القول: " الاحتلال يشكل عائق كبير، وثم يأتي بعده موضوع التقييدات على الصحفيين الفلسطينيين وملاحقتهم على خلفية حرية الرأي والتعبير سواء كان من قبل السطلة الفلسطينية في الضفة أو من قبل الحكومة في قطاع غزة".
ولفت عبيدات بأن الصحفي الفلسطيني يعيش خطراً دائم ومستمر على حياته، وذلك فإنه يخرج من منزله كل يوم وهو معرّض للاغتيال كما حدث مع الزميلة الشاهدة الشهيدة شرين أبو عاقلة، أو من الممكن أن يتعرض للملاحقة والاعتقال والضرب كما هو حال الكثير من الزملاء.
ويذكر لنا بأن حسابه على الفيسبوك كصحفي يتعرض للحظر بشكلٍ دائم، وحتى الآن حسابه مقيّد على الفيسبوك ولا يستطيع النشر، وأضاف أن الحال ذاته على منصة الانستغرام أيضاً مشيراً أن هذه الخوازمية تقمع الوجود الفلسطيني وتتحكم فيها شركة تدعم الاحتلال.
ومن الجدير بالذكر، أن المركز الفلسطيني لحقوق الانسان،أصدر بياناً الأسبوع المنصرم في ذكرى اليوم العالمي لحرية الصحافة، مؤكدا استمرار تراجع الحريات في فلسطين وخاصة حريتي التعبير والعمل الصحفي.
وأوضح المركز أن حرية الصحافة هي حجر الأساس في منظومتي الديمقراطية وحقوق الإنسان، ولا يمكن تصور تمتع أي شعب بأي من حقوقه في غياب حقه في الحصول على المعلومات والتعبير عن آرائه بلا قيود مجحفة.
وأشار المركز إلى أن الربع الأول من العام 2022، انقضى، وما يزال الاحتلال وبلا رادع، يمتهن سياسة إخراس الصحافة في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عقود، سعياً منه للاستفراد بالضحية وتغييب الحقيقة.