رام الله - نبأ - رنيم علوي
منذ سنواتٍ عدة وقطاع غزة هو الدرع الحامي لكافة الأراضي الفلسطينية من الاحتلال الإسرائيلي،والشوكة في حلقه وهي المبادر الأول للمواجهة مع الاحتلال الاسرائيلي إلا أن الدائرة عادت وتوسعت، فباتت مدن الداخل والقدس المحتلين تشهد في أراضيها قدرة على مقاومة الاحتلال مع قدرتهم على الحفاظ على هويتهم الفلسطينية وصولاً إلى مدن الضفة الغربية التي باتت تظهر في ساحاتها المقاومة المسلحة والعمليات الفدائية، وهذا ما دفع تصريحات الاعلام الإسرائيلي سابقاً بأن تعترف بتغير الوضع، وأصبحت غزة كل فلسطين.
فما السبب الذي ساهم في توسع هذه الدائرة، وساعد الاحتلال الإسرائيلي بأن يعترف بخشيته من الوضع القائم، وليس من غزة فقط؟
في حديثنا الخاص مع السياسي المقدسي محمد هلسة، يقول بأن كل الأرض الفلسطينية واقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي بصورٍ ودرجاتٍ مختلفة، فمدينة غزة تعاني منذ سنوات من وطأة الاحتلال الإسرائيلي، الداخل الفلسطيني يعاني من العنصرية والإيذاء الإسرائيلي بصور مختلفة من انتشار السلاح والفوضى وغيرها، الضفة الغربية تعاني من التمدد الاستيطاني والإيذاء الإسرائيلي، القدس تعاني من التمدد الاستيطاني والتهويد، وبالتالي كل الأرض الفلسطينية تحت الاحتلال، وهذه هي العلاقة الطبيعية بين شعب واقع تحت سلطة احتلال تريد أن تفرض عليه سلطته وعنصريته وروايتها.
تابع محمد هلسة لِـوكالة " نبأ": " أن يقاوم هذا الوضع طبيعي، وصورة شاذة أن يستكين المواطن ويرفع الاستسلام، ورد الفعل المتوسع والظاهر على الصورة هو طبيعي من شعب واقع تحت ظل الاحتلال، بالإضافة إلى فشل الإجراءات الإسرائيلية ومخططاتها في تفتيت الرواية الوطنية الفلسطينية، فالاحتلال حاول اللعب على وتر التشتيت من ارضه لأجل الاستفراد وتنفيذ المخططات".
وأضاف هلسة، " إسرائيل" اعتقدت بعد سنوات طويلة من تطويع الداخل المحتل وأسرلته، بأنها أغلقت الحس الوطني، ولم يعد الداخل المحتل مرتبط ببقية الأراضي الفلسطينية، إلا أنه أثبت عكس ذلك من خلال هبّته في العام الماضي وأنه جزءً من الواجهة الوطنية الفلسطينية، وأن كل الأراضي الفلسطينية هي هوية واحدة.
واسترسل، المساس بالمقدسات الفلسطينية، وبالتالي جزء من هذا التوسع هو رد فعل على أن " إسرائيل" مسّت بِما يعتبره المسلمين في داخل الأراضي الفلسطينية بأنه مقدّس، وهذا الرد هو نتاج هذا العبث الإسرائيلي الذي يعتقد بأنه يمكن له العبث بأي شيء دون وجود ردة فعل، وما يعكس رد الفعل الشباب الفلسطيني الذين نفذوا عمليات فدائية كتبوا وصاياهم والتي تضمّنت بِـ " نقوم بما نقوم به انتصاراً لمقدساتنا وعقيدتنا".
وأردف، بأن يمينة المجتمع الإسرائيلي هي ما تزيد من ردة الفعل في مختلف أماكن تواجد المجتمع الفلسطيني، فالمجتمع "الإسرائيلي" يظهر بعقلية اليمنية التي يمكن أن تجابه بالإستكانه، وبالتالي فإن الفلسطيني يرفع من منسوب المواجهة رداً علة عنصرية اليمينة والتي جزءً منها دينية.
أضاف، بأن عقلية اليمين الذي يحكم المجتمع " الإسرائيلي" هي عقلية القوة، القائمة على منطق الجدران الحديدية التي تهدف إلى كسر الفلسطينيين باستخدام قوتهم، ولا يفتح آفاق لحلول سياسية بل ينظر فقط إلى إخضاع الفلسطيني، وبالتالي هذا أيضاً يدفع الفلسطيني إلى رفع منسوب التحدي وتوسع دائرة المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي خاصةً بأن المستوطنين الموجودين في القدس وغلاف غزة وبعض الضفة يمينيين.
وأشار بأن التقصير العربي هو جزءً من توسع هذه الدائرة، فحين تقصر الجيوش عن حماية الأراضي، وحين تقصر الجهات الرسمية عن حماية الأرض الفلسطينية؛ يتقدم الفلسطيني بمستوى الفردي والتنظيمي ليرفع لواء حماية ذاته، فما الذي ينتظر من الفلسطيني في منطاق الضفة الغربية الذي تقتلع أشجاره وتحرق مبانيه وسيارته، ويهدد في حياته؟ ف لا يعقل أن يبقى مكتوف الأيدي جراء التقصير النظام العربي وإلتفافه إلى جانب " إسرائيل"، فحين يظهر هذا التقصير تتوسع الدائرة.
ومن جهته، قال المختص والسياسي ناصر الهدمي بأن توسع المقاومة الفلسطينية في كافة أنحاء فلسطين المحتلة هو طبيعي في ظل غياب الأفق السياسية ووصل إتفاقية اوسلو إلى منتهاها، فلم يبقى أحد من الشعب الفلسطيني لديه أمل بالإنفراج السياسي عبر المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي إلا المنتفعين، أي القائمين على اتفاقية اوسلو والتي يعتبرونها مصدر رزق بالنسبة لهم، أما بقية أبناء الشعب الفلسطيني انتهت بالنسبة لهم اتفاقية اوسلو من أي أمل لحل القضية الفلسطينية من خلالها.
وفي جانبٍ آخر، قال ناصر الهدمي بأن توسع اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي وتقدمه في موضوع تهويد المسجد الأقصىى المبارك، ووصول اطماع الاحتلال في المسجد الأقصى إلى درجة فرض أمر واقعي جديد كالتقسيم الزماني والمكاني، والصلوات التلمودية بحكم سماح محكمة الاحتلال للمدنسين بأن يقوموا بصلاة صامتة في المسجد الأقصى، ورفع العلم الصهيوني داخل ساحات المسجد، والاقتحامات في الأوقات التي لم نعتد أن يقتحم العدو من خلالها المسجد كالعشر الآواخر من رمضان وعيد الأضحى قبل 3 سنوات، وتكثيف الدعوات في الاقتحام ليلة القدر لهذا العام، هذا كله زاد من غضب الشارع الفلسطيني.
وتابع الهدمي القول، بأن سلطة حركة فتح في رام الله لم تعد قادرة على ضبط الشارع الفلسطيني كما في السابق، وهذا ما يجعل القول بأن الشارع الفلسطيني تخطى السلطة، وهذا أيضاً ما ساهم في امتداد المقاومة، بالإضافة إلى حالة النضوج والوعي لدى المواطن الفلسطيني في القدس والضفة الغربية، وفي الداخل المحتل أيضاً هناك نضوج واضح وظهر ذلك عند خروج أصوات تنادي بوقف المشاركة في انتخابات الكنيست، وأصوات تنادي بإنسحاب حزب منصور عباس من الحكومة، وبالتالي هذا النضوج يسير بإتجاه الهوية الفلسطينية، وعدم القبول بالجنسية الإسرائيلية والخدمة في جيش الاحتلال الإسرائيلي.
ويتوقع الهدمي في ظل هذا الوعي الواضح، بأن الأيام القادمة ستشهد الأراضي الفلسطيني وحدة الشعور والانتماء بين أبناء الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، ويتقدم الشارع الفلسطيني في هذه الشعور على القيادات بإستثناء قيادة حركة حماس في قطاع غزة والتي هي تعبر عن آمال الشارع الفلسطيني أينما كان، ومن الواضح جداً أن باقي الفصائل تقدم عليها الشارع الفلسطيني وسيزيد حدة هذا التقدم بجرّها إلى الأمال والطموحات الفلسطينية.