نبأ- وكالة الصحافة الوطنية

نبأ- وكالة الصحافة الوطنية

كيف عاد العيد على أمهات شهداء جنين؟

جنين -نبأ - علا مرشود 
لا يفهم وجع الروح والنفس إلا من يتشارك معك نفس الهم والمصاب، وكذلك أهالي شهداء جنين الذين يمر عليهم اليوم عيد الفطر الأول بعد فقد فلذات أكبادهم الذي خلف جرح لن يبرئ أبدًا طالما وجد هذا الاحتلال الذي يمعن أكثر فأكثر في إيلام هذا الشعب. 

أجواء التحضير للعيد يُجمّلها أفراد العائلة كلٌ بلمسته الخاصة، وكذلك كان للشهيد أمجد العزمي من جنين لمسته الخاصة في التحضير للعيد افتقدتها والدته الذي اعتاد أن يرافقها في كل مرة قبل العيد بيوم ليشتري لها كل ما يلزمها من احتياجات ثم يوصلها بنفسه الى السيارة، تقول منال منصور والدة الشهيد أمجد: "صحيح أني ذهبت لشراء الحاجيات لكنني ما لبثت أن عدت إلى المنزل، ناس رايحة جاي وأجواء عيد لكن بالنسبة لي كنت أبحث عن أمجد والدمعة في عيني وما أن وصلت إلى باب المنزل حتى انهرت من البكاء". 

وتطرد: "هذه المرة الأولى بعد استشهاده أبكي فيها بصوت عالي، كنت دائمًا ما أحبس الدموع بصدري ولكن مشاعر الفقد عندي وعند اخوته عزمي وهيلدا طغت على كل شيء، فقدنا البسمة ومكانه فارغًا وحل مكانه غصة في القلب".

وتستذكر أم الشهيد أمجد العيد الأخير الذي قضاه أمجد معهم حيث أصر على إحضار صندوق فواكه من أجود الأصناف والأنواع رغم عدم رغبتها بذلك فقال لها: "كيف يأتي العيد ولا أحضر لك كل شيء؟!"

ومشاعر الفقد هذه لم تقتصر على والدته واخوته بل تشتاقه خالاته اللواتي اعتدن على معايدته لهن وزيارتهن في كل عيد، فتسمع احداهن تسجيله الصوتي الذي ارسله لها بالعيد ويقول كل عام وأنتي بخير واعدًا اياها أن يزورها في اليوم التالي، وتبكي، وأُخرى تستأنس بالعصفور الذي ينقر على نافذتها منذ يوم استشهاده فتقول "روحه جاي تزورني".

عيد العائلة سرقه الاحتلال 
أما والدة الشهيد يوسف صبح من برقين، فصبّرت نفسها طيلة أيام العيد حتى وجدت نفسها في اليوم الثالث في المستشفى وبيدها ابرة المهدئ فتقول: "إن هذا أصعب رمضان وعيد نعيشه فهو الأول بعد استشهاده واحتجاز جثمانه في ثلاجات الاحتلال كان صاعقة بالنسبة لي ولكنني أتحمل حتى لا يضيع أجر صبري".
يوسف كان عيد أمه وأبيه وأخواته البنات الأربعة، وجاء الاحتلال فجأة ليسرق فرحة هذة العائلة وقضى على حلمها بابنها الوحيد، تتخيل أم يوسف وحيدها بين أصدقائه الذين جائوا يهنئونها بالعيد تبحث عنه بينهم ولا تجده فتقول: "الكل لابس ومعيد وأنا بستنى بجثمان ابني".

ولكن الوجع كان أكبر حينما توجهت للسوق لتشتري لابنتها الصغيرة ملابس العيد ومرت عن محال الملابس الشبابية فتصف الموقف بقولها: "كنت للحظه سأدخل محل ملابس الشباب أنظر وأقول كان من المفترض أن أشتري الآن ليوسف".

ولكن رغم هذا الألم تفتخر أم يوسف بابنها الشاب الصغير الشهيد فتقول: "يوسف تمنى الشهادة من عمر ١٢ سنه وجاهد لأجلها ونالها وهو في ساحة القتال وجهًا لوجه مع الاحتلال رغم صغر سنه". 

حرمان حتى من زيارة القبور
جرت العادة أن يزور الناس قبور أحبائهم صباح العيد، ولكن أم أمجد ليس هناك قبرًا لفقيدها لتزوره وتجلس بقربه تحدثه وتدعوا له وتقرأ له سورة الفاتحة، فجسده الرقيق لا زال محتجزًا في ثلاجات الاحتلال الباردة فتعقب والدته: " إن أصعب شيء أن لا يكون لابنك قبرًا وعنوان تتوجهين إليه، كيف لي أن أرتاح وجسده في صقيع الثلاجات، ثلاجات الموت البارد، أتدرون أي وجع هذا؟".

وتشاركها أم يوسف صبح نفس الوجع فتصف المعاناة بقولها: "كان أصعب يوم مر علي يوم العيد، الشعور موجع وانت ترين الكل يزور قبور أقاربهم وأولادهم وانت تكتفين بالنظر إلى الصور والدموع تحرق قلبك".

وتطرد: "وصقيع الثلاجات كم غير بملامح وجهه الملائكي أو جسمه أو كسر خصلات شعره الناعم".

يذكر أن الفترة الأخيرة شهدت مدينة جنين مواجهات مستمرة مع قوات الاحتلال الاسرائيلي أسفر عنها عددًا من الشهداء ومنذ بداية عام 2022 ووفق إحصاءات فلسطينية، فقدت جنين أكثر من ١٢ شهيد وأصيب العشرات، لتسجل بذلك أعلى المدن عددا بين الشهداء والجرحى وأعلاها بعمليات المقاومة وتنفيذ "كتائبها" هجمات ضد نقاط الاحتلال العسكرية من حواجز وأبراج.

وكالة الصحافة الوطنية