نبأ - القدس - نواف العامر
ليست أطماع الاحتلال في تهويد حي الشيخ جراح بوابة البلدة القديمة لمدينة القدس حديثة، بل تمتد للأعوام ١٩٥٤و١٩٦٦و١٩٦٧ ، تلاها سعار التهويد والأطماع المجنونة في العام ١٩٧٢ مع سن قانون أملاك الغائبين الذي سهل سرقة الأرض والعمران وتمت فيه السيطرة على اول بيت في الحي كمقدمة لبسط السيطرة على كامل الحي المقدس. ومع سقوط الجزء الشرقي من مدينة القدس بيد الاحتلال توجهت اصابع الاحتلال للحي نظرا لموقعه الاستراتيجي وأهميته كمنطقة حرام قرب الخط الفاصل بين الأرض المحتلة عام ١٩٤٨ وفق أقوال الدكتور ناجح بكيرات رئيس أكاديمية الأقصى للوقف والتراث .
وزعم الاحتلال كما يقول الدكتور بكيرات لوكالة "نبأ" بوجود مغارة تحمل إسم توراتي مزور وهو مغارة الصديق شمعون كمنطلق للبدء لتهويد الحي وإختراق المنطقة مع ضخ ابجديات التزوير المزركشة في المصطلح الخطير الحوض المقدس ليشمل الحي وغيره لتسهيل الهجمات والتهويد والاسرلة وإزالة معالم الوجود العربي والإسلامي العريقة .
ويعتبر الحي مهما من الناحية الاستراتيجية لدى الفلسطينيين أصحاب الأرض ومالكي رقبتها كحامية أساسية من الناحية الشمالية للبلدة القديمة .
ومن أجل حماية الموقع بدأت الأوقاف الإسلامية ببناء مركز تراثي ضخم بمساحة ستة آلاف متر قرب المسجد قام الاحتلال بتوقيف البناء منذ سنوات طويلة وبات يستخدم كمخيم للصمود يؤكد الدكتور بكيرات.
و سمي بـ "حي الشيخ جراح" نسبة إلى الشيخ حسام الدين بن شرف الدين عيسى الجراح، طبيب القائد صلاح الدين الأيوبي الذي دفن في الزاوية الجراحية .
ولم تتوقف أطماع طرد الفلسطينيين من الحي الذي أشغلوه ويضم مكتبات إسعاف النشاشيبي الحيوية وكتلة من الفنادق العربية ، كمقدمة لإبتلاع الحي صمام امان البلدة القديمة ومواصلة الربط بطرق رئيسية نحو شارع صلاح الدين وباب الساهرة .يتابع بكيرات.
وبدأت نشأة الحي المقدس عندما جاء عدد من الذين هجرهم الاحتلال قسرا من مدن حيفا ويافا وغيرها ، وفي العام ١٩٥٢عقد ممثلي الحكومة الأردنية اتفاقا مع وكالة أونروا يقضي بإسكانهم في الحي مقابل تنازلهم عن حقوقهم التي كفلها ما يعرف ببطاقة الوكالة وتم إصدار رخصا للبناء والوثائق الخاصة بها .
وتخصص ارييه كينغ حسب بكيرات في تزوير الوثائق وأوراق الملكيات والأراضي الوقفية مع ٱخرين وحاولوا سرقة منزل في المنطقة وتوجه أصحابها للمحكمة وهم من عائلة الكرد استمرت لعامين وثبت عدم ملكية لصوص الأرض لأية وثائق .
وتوجت المقدسية المعروفة ام كامل الكرد نموذجا في التمسك ببيتها وصبرت على المعاناة وتوفي زوجها وصودر منزلها وألقي بها في العراء والشارع وانتقلت لبيت اولادها في بيت حنينا تعيش الوجع والغربة المركبة.
وتحت ضغوط مخابرات الاحتلال وتهديدهم وشركات التأمين واذرع حكومة الاحتلال والشرطة والعصابات جرى إفتراس البيوت بيتا بيتا بهدوء خلال عشرة أعوام .
على ذات الصعيد يشرح الدكتور عمر جعارة استاذ التاريخ بجامعة النجاح والمختص في الشأن الصهيوني قيام شركة عقارية صهيونية بالعمل بكافة الطرق للحصول على ملكية ستة منازل في الحي ، وهو ما يعتبره جعارة ملكية غير طبيعية كونها بين محتل وبين مواطن احتلت أرضه بقوة السلاح ، وكافة البيوع التي تتم في ظروف غير طبيعية باطلة.
واضاف الدكتور جعارة : البيع والشراء يحتاج الرضا بين البائع والمشتري ولا يوجد رضا مطلقا بالاحتلال وحتى لو كان هناك رضا فهو إنحراف بكل المقاييس ، وما يعني أنها بيوع غير صحيحة وباطلة لأنها قائمة على الاغراء المالي وبفعل الضغوط والتهديدات والوسائل الملتوية التي لا تسمح للفلسطيني ببيع أرضه ولا تسمح أن يكون البيع عاديا وطبيعيا.
ويشدد الدكتور جعارة على أن المشروع الصهيوني لا يقوم الا على أنقاض الشعب الفلسطيني صاحب الارض ومالكها بينما يعتمد المحتل على المقولة المضللة ارض بلا شعب لشعب بلا ارض .
الباحث في الشأن المقدسي والاستيطان عبد السلام عواد أن إستهداف حي الشيخ جراح حلقة من حلقات استهداف باقي أحياء المدينة والبلدة القديمة ، وهي مخطط مبرمج وسياسة خبيثة تهدف للتهويد والتفريغ .
وحول قرار محاكم الاحتلال تأجيل النظر في اعتراض أصحاب المنازل لأجل غير محدود يقول الدكتور بكيرات أن السياسة الإسرائيلية حينما تصل لثقل وضغط كبير وطريق مسدود ومكشوف علانية أمام العالم تؤجل ولا تنسى ، قامت بتأجيل القرار ولم تقم بإلغاء كافة الإجراءات والعدوانية ولم تعطي الناس حقوقهم ولم تقر بذلك وهم من يملك الوثائق والملكية .
ويعرب بكيرات عن اعتقاده أنهم ينتظرون تحين الفرصة المناسبة للانقضاض على الحي مرة تلو المرة .
ويتفق الباحث عواد مع الدكتور بكيرات ويقول إن قرار محاكم الاحتلال تمثل بالتأجيل حقن تخديرية ومحاولة لإمتصاص نقمة الشارع المقدسي والفلسطيني ورفض العالم للعبث الاحتلالي بواقع مدينة القدس كصمام امان الإستقرار المنطقة ودول الإقليم.
ويصف بكيرات سياسات الاحتلال بالغريبة والعجيب وتشبه سلوك الحيوانات المفترسة التي لا تاكل فريستها دفعة واحدة وتفضلها بعدة مرات وهكذا تم افتراس الأرض منذ العام ١٩٤٨.
ويقترح بكيرات إصدار قرار أممي دولي يقضي بأن المس بعائلات الشيخ جراح مس بالوجود الفلسطيني والإنساني وعدم التدخل في حقهم في السكن والمسكن وتثبيتهم في بيوتهم التي هي أقدم من عمر الاحتلال
وتفتح حكومة الاحتلال وفق بكيرات معارك وجبهات عدة في ٱن واحد في سلوان والشيخ جراح والمسجد الأقصى والبلدة القديمة وجبل المكبر ، تبقى فيه الجبهة الساخنة حي الشيخ جراح على وقع قرار مجزرة إخلاء ١٨٠٠فليطيني من حي سلوان .
ويصف بكيرات الأحداث بعملية تجفيف للانسان والعمران حيث لا يقوى الفلسطيني على مغادرة منزله في الشيخ جراح وحي سلوان لأن المستوطن يقتنص الفرصة لإحتلال البيت ويقومون بتزوير البيوعات تحت إسناد ودعم حكومي .
ويحذر الباحث عواد من أن إستمرار الاحداث ومحاولات تهويد الحي تساهم في قلب طاولة الاستقرار المحلي والإقليمي وتنذر بتفجير المنطقة التي يمثل صاعق تفجيرها الجنون والسعار التهويدي في الشيخ جراح ، الذي يقف فيه العالم على قدم واحدة ويحبس المحتل أنفاسه على وقع تهديد المقاومة وتصدير ما أسمته إنذارها الاخير .
ويحتاج الصراع في الشيخ جراح وفق بكيرات لرؤية فلسطينية وعربية لدعم الحي وبقية الاحياء وإستصدار قرار من محكمة دولية مختصة يعتبر البيوت ٱمنة لا يتم معها بيع واعتمادها كوقفية كونها تتبع الوصاية الهاشمية الأردنية ولا يجوز المس بها .
ويختم بكيرات :ٱن الأوان لمحاكمة كيان الاحتلال على جرائمه في يتعلق بالشيخ جراح والقدس القديمة وكافة الاحياء يعتبر فيها البيوعات وبناء الأبنية الاستيطانية لاغية باطلة وان المطلوب من الاحتلال أن يعيد حساباته .