رام الله – نبأ – رنيم علوي
مُنذ أن احتلت فلسطين، وصاحب الأرض يسعى جاهداً في الحفاظ على مسميات أرضه، ولا سيما بعد المحاولات الإسرائيلية التي تنسب كل شيء إليها، بدافع طمس الهوية الفلسطينية، وعلى هذا فقد نُشر مؤخراً من خلال لجنة المسميات الإسرائيلية أن هناك عدة مناطق تحمل أسماء عبرية تاريخية، وهي جزء من التاريخ اليهودي.
والأماكن هي: شخيم (نابلس) شمرون (محافظة نابلس) شيلو (رام الله) وتل يريحو (أريحا) وعناتوت (عناتا) وبيت عنيا (العيزرية) وبيت إيل القديمة (بيتين) وموديعيم (جزء من أراضي قرى بلعين ونعلين وصفا وبيت سيرا وعمواس وغيرها والبعض الأخر من أراضي قرى راس العين وباب الواد التي تم احتلالها عام 1967) مغارات قمران (بيت لحم) وبتير القديمة (بتير) وجبل هيرديوم (بيت لحم)، وقلعة متسادا ( أريحا).
فكيف يتم نفي هذه الرواية الكاذبة، وتصديق أن مسميات هذه الأراضي هي إرث فلسطيني تاريخي؟
يجيبنا على ذلك، المختص في الشأن الإسرائيلي والباحث الأكاديمي محمد هلسة: " لجنة الأسماء هدفها ربط المواقع في فلسطين في إطار ربط الجغرافيا بالمشروع السياسي، ربط أسماء الشوراع والحارات والأبنية التاريخية وكل ما له علاقة بالوجه الفلسطيني في التاريخ الإسرائيلي؛ وذلك لإيحاء أن هذه الجغرافيا ليست منعزلة عن التاريخ الهودي في إطار استحداث هوية جديدة".
وأردف محمد هلسة بأن الاحتلال لم يكتفي فقط بتغيير أسماء الشوارع والأحياء والمدن، وإنما غيّر معالم ووجه هذه الأمكنة لتطابق مع مع التسمية الجديدة، وبالتالي فإن هذا نوع من نسج هوية وذاكرة يهودية في مقابل تغييب الهوية والذاكرة الفلسطينية.
وأضاف هلسة لِـوكالة " نبأ": " منذ إقامة ما تسمى " دولة إسرائيل" وحتى اليوم هذا الوضع قائم في وتيرة متسارعة، فإن هناك أكثر من 22 ألف اسم تم تغييره بين حارة وشارع وساحة وموقع تاريخي وزقاق في الداخل الفلسطيني وحتى الضفة الغربية والقدس المحتلة، فمثلاً تحوّلت مدينة ملبس في الداخل الفلسطيني إلى " بتاح تكفا"، وتحوّلت الجاعونة إلى " روش بينا"، وتحوّل بئر السبع إلى " بئر شيبع"، وصفورية إلى " تسيبوري"، وفي القدس تحوَل باب الخليل إلى " شعر يفّو"، والتسمية الدارجة للمسجد الأقصى لدى المحتل " جبل الهيكل".
وتابع بأن التسمية جزءً من الصراع، وهذا الصراع مفتوح وممتد، ونفي هذه الإدعاءات الكاذبة يكمن خلف الاستمرار في تكذيب هذه المنحنى، في محاولة بأن لا تنتصر ما تسمى " إسرائيل" ولا الكلمة العبرية على الاسم العربي؛ وذلك في الاستمرار بتعليم الأبناء أسماء المدن العربية، في محاولة التصدي لحرب الأدمغة، بالإضافة إلى المناهج الأدبية والإعلام كله عليه أن يكون كله يؤكج على رواية الفلسطيني لأرضه.
وأشار إلى أن الرواية الصهيوينة هي جزء من أدوات المستوطن، وبالتالي يجب أن لا نسلم لورايته، إلا وأنه اصبح المواطن الفلسطيني يستخدم المسميات العبرية، من المفترض أن لا نسمح بانتصار ما تسمى " إسرائيل" علينا انتصاراً سهلاً.
اكذوبة الاحتلال
ومن جهته، قال المختص في مقاومة التهويد ناصر الهدمي: " جاء الاحتلال إلى أرض فلسطين وفق مقولة " أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض"، معتقداً أنه بهذه الأكذوبة يستطيع أن يبنفي وجود الشعل الفلسطيني، حتى وأنه قالت رئيسة وزارء ما تسمى " إسرائيل" جولد مائير في بوم من الأيام بأنها لا تعرف شيء اسمه الشعب الفلسطين، على الرغم من أنها في عام 1921 دخلت فلسطين وحملت جواز سفر فلسطيني، وبهذا فإن الاحتلال جاء وهو لا يملك من أرض فلسطين شيء، وأنه حاول أن يثبت حقاً متوارثاً له كأرض الأجداد عبر الحفريات الأثرية والبحث عن أي أثر يمكن أن يتم استخدامه في صياغة الرواية الإسرائيلية".
واستطرد ناصر الهدمي: " رغم كل الحفريات حتى هذا اليوم لم يتم الوصول إلى أي دليل علمي يستطيع أن يقدم للمختصين في الآثار لكي يقبلوا بالرواية الصهيونية، إلا أن الاحتلال ورغم ذلك عمل على محو التراث الجمعي للعشب الفلسطيني وعلى سرقة ما يمكن سرقته، من أسماء المدن وتغيير أسماء الشوارع وقدمها على أنها تعبّر عن الرواية التوراتية التي تخصه".
واسترسل الهدمي القول: "تغير أسماء المدن، رأيناها في القدس مثلاً كانت في البداية القدس، ثم اصبحت القدس واورشليم، واليوم بدأنا نرى يافطات كثيرة، فقط مكتوب عليها اورشليم، علماً أن حتى اسم أورشليم يفضح الاحتلال لأنه اسم كنعاني، وبالتالي يحاول الاحتلال الآن إعادة الأسماء العبرية القديمة لبعض المدن كَـشخيم وشيلو لرام الله، ولكن كل هذا يظهر للمتابعين السطحيين للقضية الفلسطينية بأن الاحتلال نجح في تغيير أسماء المدن ولكن في النهاية الشعب الفلسطيني ثابت على أرضه وطالما أن العلاقة مع العدو هي علاقة عداء".
وأضاف: " حاول الاحتلال تغير اسم باب العامود في القدس إلى هدار وسمدار على اسم مجندتان اصيبتا في إحدى العمليات الفدائية، إلا أنه بقي باب العامود هو باب العامود والصراع محتدم على من يسيطر بالصراع الوطني الذي يعبر عن هوية الشعب الفلسطيني"
وتابع، بأن 74 عاماً على قيام ما تسمى "دولة الاحتلال"، و55 عاماً على احتلال القدس الشرقية ولم يستطع الاحتلال أن يحسم المعركة بل لا زال يفقد السيطرة في بعض الأوقات.