نبأ - نابلس - شوق منصور:
لَيست كأَي فرحةٍ ولا كأيِّ بُشرى، فالآنَ قد بُورِكَ لوالِدَين أن يُلبسهما طفلهما ذو العشرةِ أعوامٍ تاجَ فَخرٍ وعز. بتوفيقٍ إلهيٍ وإرادةٍ قوية استطاع الطفل أسامة مخلص أن يُتِمَّ حفظَ كتابِ الله كاملا في مدةِ عامٍ ونصف، ليُبشّر والديَه بسعادة ارتداءِ تاج الوقار، وليُحملَ على أكتاف محبيه في احتفالٍ فرحين به وله طابَعٌ مختلف وعظيم.
يقول الطفل أسامة الحافظ لكتاب الله "الذي دفعني وشجعني على حفظ القرآن الكريم هي أختي دانه، فكنت أسمعها وهي تحفظ القرآن، فأحببته، وأردت أن أقلدها وأصبح مثلها".
ويضيف أسامة ابن العشرة أعوام "أكثر شيء كنت أستصعبه هو أنني كنت أحب اللعب، فكنت أسرح وأفكر متى سيأتي وقت اللعب مع زملائي، لكني كنت أشجعهم على حفظ القرآن، الذي صنع لي مكانة في نفوس الناس، حتى صرت أسمع لقب "حافظ القرآن" بعد اسمي".
تقول والدة أسامة ضحى أبو زنط لـ"لنبأ": كنا في سعادة عندما أتم أسامة حفظ القرآن الكريم، فالسعادة تأتي عل قدر التعب والمشقة، فنحن كعائلة كنا ننتظر ونخطط لهذا اليوم منذ أن ولد أسامة فكنت دائما أشعر أنه سيكون من حفظة القران الكريم.
وتضيف" الذي زاد من حجم فرحتي وسعادتي هو رؤيتي اللهفة للقران الكريم عند الناس، فحجم التفاعل معنا كان كبير جدا، فأسامة استطاع أن يخلق هذا الشعور بعدما مررنا بفترة شعرنا بها أن الناس ابتعدت عن كتاب الله.
وتتابع أن للعائلة غالبية الدور في أي إنجاز يحققه طفلها، بتشجيع أسامة وتحفيزه والصبر عليه، لتحقيق حلمه وحلمنا، وفي كثير من الأحيان كان الاجتهاد في الحفظ على حساب الدراسة واللعب.
وتكمل والدة أسامة: "يقع عل عاتق العائلة تحديد الهدف لطفل، ثم تقسيم وقته، وأهم شي تحفيزه وترغيبه بهذا الهدف، فأنا كنت دائما أشجع أسامة وأقول له حافظ القرآن له اجراً كبير عند الله في الجنة وفي الدنيا، وكيف سترى احترام وتقدير كبير من الناس".
وتبين أبو زنط "أن العائلة كانت تضع لأسامة هدية يختارها بنفسه قبل البدء بحفظ جزءٍ جديد، ولكن الأهم من ذلك أنني كنت أغدق عليه الحب والحنان، فكلما رأى كم أحبه تزداد شجاعته للحفظ أكثر، حتى أنه استخدم الاجتهاد في الحفظ والإنجاز لإرضائي إن كنت غير راضية على تصرفاته".
وتستطرد في حديثها: لقد استثمرنا فترة كورونا والإغلاقات المتتالية التي حدثت، حيث أن الكثير ممن كانوا معه انقطع تواصلهم مع دورة التحفيظ، ولكنّا قمنا بتشجيع أسامة لاستثمار هذه الفترة الذهبية أفضل استثمار مواصلين الليل بالنهار لتحقيق الحُلم.
ويقول المحفظ للقران الكريم الشيخ سليمان" تمكن أسامة من إتمام حفظ كتاب الله كان من خلال عدة عوامل، فالفضل الأول لله عز وجل، وثانياً لرغبة الطالب، وثالثاً متابعة الأهل ودورهم الكبير، فأهل أسامة كان لهم دور كبير، بالإضافة إلى شيوخه في دار القرآن في متابعته دائما.
ويضيف الشيخ سليمان "أن أسامة لديه ملكة الحفظ، تم اكتشافها في بدايات التزامه بالحلقات القرآنية، لا سيما وأنه يأتي حافظاً لأكثر مما يُطلب منه.
ويؤكد الشيخ سليمان أن تحفيظ كتاب الله لطلاب كنز كبير، فالقرآن كله خلق، ونحن ننشئ جيلاً يربّى تربية صحيحة، كما أنه يعمل على تنمية ذاتية الطالب ليصبح أكثر قدرة على الحفظ، بالإضافة إلى إنشاء جيل صالح عليه رقيب أخذه من القرآن.
التربوي غسان ذوقان والذي كان له دور كبير في تشجيع أسامة على حفظ القرآن الكريم، عندما كان يرى أسامة يناديه يا فتى القران، وأسامة عندما سمع هذا اللقب شعر بالمسؤولية، وكانت الدافع لأن يستمر بالحفظ بهذا الاجتهاد.
يقول ذوقان: إنه أصبح الآن الكثير من المشتتات التي بين أيدي الأطفال وعدم اقتراف بعض الأهل به والتي تحرفهم عن كثير من الإنجازات، وخصوصاً في زمن السوشيال ميديا والتي تأخذ الكثير من وقت الأطفال، ولكن هذا الذي يميز أسامة بأنه لم ينجر إلى هذه المشتتات، كما أنه كان لديه والدين خصصوا جل وقتهم للاهتمام بأطفالهم، وهذا واجب على كل عائلة.