رام الله-نبأ-رنيم علوي
تبقى الطفولة في فلسطين حبيسة جدران الاحتلال "الإسرائيلي"، الذي يضرب بقوانينها الدولية عرض الحائط، قاتلاً طفلاً في غزة، وآسراً شقيقه في الضفة، فالأطفال في الضفة الغربية لسيوا مجرد أرقام، بل لكل واحد منهم قصة وحكاية.
الطفل الشاب أمل نخلة ابن مخيم الجلزون في رام الله والذي تخطى سن البلوغ خلف القضبان، من عشاق أسطورة كرة القدم ومولعاً باللاعب الأرجنتيني ليونيل ميسي، توجه مع أصدقائه إلى مدينة روابي في وسط الضفة الغربية، وفق عائلته. واعتُقل في الطريق بتهمة إلقاء الحجارة على الجنود، الذين انهالوا عليه بالضرب لحظة اعتقاله، وتم تحويله إلى الاعتقال الإداري دون تهمة أو محاكمة، بحجة وجود ملف سرّي بحقه، وهو ما تنفيه العائلة.
بعد 40 يوما من الاعتقال، أمر قاض "إسرائيلي" بالإفراج عنه. ويروي والده "لكن خلال الجلسة، قال ممثل القوى الأمنية: لدينا ملف أمني ضده، سنطلب اعتقاله الإداري. وسأل القاضي: أين هذا الملف؟ أريد أن أطلع عليه".
أعلن "أمل" بعد ذلك مقاطعته لمحكمة الاحتلال المختصة بالاعتقال بالإداري، وامتنع عن حضور جلسة تثبيت اعتقاله إدارياً تزامناً مع بلوغه سن الرشد، بعد تمديد احتجازه للمرة الرابعة على التوالي منذ مطلع العام الماضي (21/1/2021).
وأفادت مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان عبر منصتها، بأنّ الحاكم العسكري "الإسرائيلي" أصدر أمراً بتجديد اعتقال أمل نخلة إدارياً قبيل يوم ميلاده الـ 18، ليتجاوز سن الطفولة ويبلغ الرشد داخل سجون الاحتلال في ظل معاناته من مرض مزمن وخطير (الوهن العضلي الشديد).
ولفتت الضمير إلى أنّ نخلة أبلغ محاميه _الذي لم يحضر الجلسة أيضاً_ عبر رسالة، بمقاطعته محاكم الاحتلال، كونها "غير قانونية، ولا يؤمن بها"، منسجماً بذلك مع الخطوة الجماعية التي أعلنها المعتقلون الإداريون في سجون الاحتلال بمقاطعة المحاكم العسكرية، احتجاجاً على احتجازهم دون تهم أو محاكمة استناداً إلى ملف سريّ، وتمديد اعتقالهم باستمرار، دون تحديد موعد للإفراج عنهم ما يضاعف معاناتهم النفسية في سجون الاحتلال، حيث يبقى مصيرهم مجهولاً.
وفي حديثٍ خاص لوكالة " نبأ" مع أخ الأسير القاصر أمل نخلة، قال أسامة نخلة: " أمل تم اعتقاله وهو قاصر إذ أنه تجاوز الثامنة عشر قبل فترة قصيرة، وجوده في الأسر لا ينسينا إياه دائماً نتذكر حبّه لكرة القدم وجلوسه مع الأصدقاء، ولكن قوات الاحتلال اعتقلت أمل أول مرة جسداً وروحاً بتهمة الإداري، وبعد ما قمنا بتقديم تقارير طبية أدت إلى الإفراج عنه، وبعد أقل من عشرين يوماً أُعيدَ اعتقاله مرة أخرى وبات الحال في إعتقاله من تجديدٍ إلى آخر".
وحول صحة شقيقه قال: " إن صحة أمل تعتمد على الأدوية، وقبل أن يتم اعتقاله أجرى عملية في صدره، إذ يعاني من مرض الوهن العضلي يجعله في احتياجٍ دائم إلى أدوية وكشف طبي مستمر عن حالته الصحية، كما تماطل إدارة السجون في تقديم العلاج لكل الأسرى".
وذكر نخلة أنه كان معتقلاً أيضاً ودخل عليه أمل في السجن وهو قاصر ولم تسمح إدارة السجن بلقائهما إلا مرة وحدة.
نوه نخلة إلى أن أمل كان ينوي بدء الإضراب رفضاً لاعتقاله الإداري، وأردف يقول: " أمل لا يقدر على دخول الإضراب لضعف جسده ومناعته، ولكن وإن قام أحد الأسرى في هذه الفترة بالإضراب فإن رسالتنا لهم أنهم هم المنصروين، وأنه وبعد انتصار أبو هواش اصبحت إدارة السجن لا تفرق بين صغير أو كبير".
وأعاد ينوه بصوتٍ مرتجف: " إن أقدم أمل على الإضراب فـستكون هذه الخطوة خطيرة عليه، ونحن كعائلته لا نريد شيئا سوى أن يفرج عنه قبل أن يخطو مثل هذه الخطوة".
وتنص اتفاقية حقوق الطفل التي وقع عليها الاحتلال، ولم يعمل بمضامينها يوماً، على أن احتجاز الأطفال هو الملاذ الأخير، ولكل طفل يُحرم من حريته الحق في الحصول على المعلومات القانونية وغيرها من الإجراءات المساعدة الملائمة وبشكل فوريّ، وكذلك الحق بالطعن في شرعية حرمانه من حريته، أمام محكمة أو سلطة أخرى مختصة ومستقلة ومحايدة، واتخاذ قرار سريع بشأن أي إجراء من هذا القبيل".
ووفقاً للاتفاقية، أيضا، "يعامل الطفل المحروم من حريته بإنسانية واحترام للكرامة المتأصلة في الإنسان، وبطريقة تراعي احتياجات الأشخاص الذين بلغوا سنه".
وشددت المنظمات الأممية على أن " قضية أمل هي إحدى أكثر قضايا الاعتقال التي طال أمدها بالنسبة لطفل فلسطيني يُحتجز دون توجيه تهمة أو محاكمة. ومع ذلك، فهي ليست قضية منعزلة. وهناك حاليًّا ثلاثة فلسطينيين آخرين رهن الاعتقال الإداري، عندما اعتقلوا كانوا تحت سن الثامنة عشرة".
وكررت المنظمات "دعوة الأمين العام للأمم المتحدة، الذي حثّ إسرائيل على إنهاء الاعتقال الإداري للأطفال، لأن هذه الممارسة تحرم الأطفال من حريتهم، ويجب أن تتوقف على الفور".