نبأ – محمد إبراهيم
صرخات ومناشدات تنطلق من أحد أحياء مدينة القدس العريقة، ليدوّي صداها في ربوع فلسطين ويمتد إلى العاصمة الأردنية عمان للمطالبة بأوراق ومستندات تثبث حق الأهالي في الأرض التي يقيمون عليها منذ عشرات السنين.
وحدهم، أهالي الشيخ جراح، يخوضون معركة الصمود قبل إخلائهم القسري من منازلهم التي عاشوا فيها منذ عام 1956 الذي أنشئ فيه الحي بموجب اتفاقية وُقعت بين وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” والحكومة الأردنية ممثلة بوزارة الإنشاء والتعمير.
وفي حينه استوعب الحي 28 عائلة فلسطينية مهجرة، وعاشت لسنوات حتى بلغ عدد سكان الحي الآن ما يزيد عن 500 نسمة سيصبحون مشرّدين بلا مأوى على أنظار عالم يدّعي قيمًا ليست فيه ومبادئ تطبق على الضعيف ولا تبالي بالقوي.
ويقضي الاتفاق مع وزارة الإنشاء والتعمير الأردنية التي كانت في حينه المسؤولة عن القدس والضفة الغربية، بدفع إيجارات لمدة ثلاثة أعوام وتصبح المنازل بعدها ملكًا لسكان الحي؛ لكن العقود انتهت وجاءت النكسة وسيطر الاحتلال على ما تبقى من فلسطين.
ومنعت الحرب متابعة تفويض الأراضي وتسجيلها بأسماء العائلات، لتنقلب الأحوال رأسا على عقب، بعد قيام جمعيات استيطانية بتزوير وتسجيل ملكيتها لهذه الأراضي عام 1972، لتبدأ بعد ذلك المحاكم عام 1982.
وناشد الأهالي، الأردن والمجتمع الدولي ووكالة الغوث (الأونروا) للضغط على حكومة الاحتلال لمنع التطهير العرقي الذي يتعرضون له، خصوصًا بعد تسليم وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية الوثائق التي تبيّن قيام وزارة الإنشاء والتعمير الأردنية سابقا، بإبرام عقود تأجير وحدات سكنية لعدد من أهالي الشيخ جراح في العام 1956.
وقال الناطق الرسمي باسم الخارجية الأردنية السفير ضيف الله الفايز، أنه جرى في العام 2019 وفي هذا العام تسليم السفارة الفلسطينية في عمان، بناءً على طلب من الجانب الفلسطيني، نسخٍ مصدقة من كافة الوثائق التي تم العثور عليها، وهي عبارة عن عقود إيجار ومراسلات وسجلات وكشوفات بأسماء المستأجرين، وكذلك تم تسليم السفارة نسخة مصدقة من الاتفاقية بين وزارة الإنشاء والتعمير ووكالة أونروا عام 1954، وأنّ عملية البحث مستمرة لوثائق تعود لأكثر من ستين عاما.
وفي ظل مخاوف من بدء عملية التهجير للأسر الفلسطينية مع بداية الشهر المقبل، شهد الحي عددا من الوقفات التضامنية والتظاهرات الاحتجاجية بمشاركة واسعة من الأهالي في الأراضي المحتلة والضفة الغربية، وفي خضم المحاولات الإسرائيلية المتواصلة للسيطرة على منازل الفلسطينيين في حي الشيخ جراح، هل يجد الأهالي من ينصرهم ويمنع ترحيلهم مرة ثانية بعد النكبة الأولى والنكسة؟