نبأ-القدس-رنيم علوي:
بعد مرور أكثر من سبعة عقود يظهر عنوان عريض تربّع على عرش الصفحة الرئيسة لصحيفة هآرتس العبرية عنوانه "وثائق سرية تكشف مذابح الفلسطينيين عام 48 وما عرفه القادة الإسرائيليون" لِيكشفَ عن مجازر ارتكبها "جيش الاحتلال الإسرائيلي " بحق المدنيين الفلسطينيين خلال العام 1948.
بعض المجازر
فيما سلطَ الضوء على عدة مجازر لم تُذكر في التاريخ سوى اليوم، ومنها " عملية حرام" والتي كانت لاستكمال احتلال الجليل في أكتوبر/ تشرين أول 1948 وبالتزامن عملية "يوآب" لاحتلال النقب.
وفي حادثةٍ أخرى، وبحسب شهادة مندوب الحزب الشيوعي في المجلس التأسيسي المؤقت "لإسرائيل" "شموئيل ميكونيس"، يقول: ارتُكبت فظائعُ في منطقة جبل الجرمق لم يكشف عنها بعد وأنه عُثر على وثيقة في أرشيف الكنيست تظهر أفعال تمت على يد عناصر منظمة "الايتسل"، "ومن جملتها قيامهم بإطلاق الرصاص على 35 فلسطينياً سلموا أنفسهم مع راية بيضاء ثم أخذوا مدنيين أبرياء أسرى بينهم نساء وأطفال ودفعوهم نحو داخل حفرة ثم حصدوهم بالرصاص وقتلوهم ومعهم سيدة حملت طفلها بين ذراعيها"
وأضاف القول " فتحوا النار على مجموعة أطفال كانوا يلهون بثمار الرمان وبعدها قام عدد من جنود رية "التالينا" التابعة لـ"الايتسيل" بإغتصاب فتاة فلسطينية عمرها 19-20 عاماً ثم طعنت بالحربة وأدخلوا عصا خشبية في جسمها”.
فما الذي دفع صحيفة "هآرتس" اليوم بنشر هذه التصريحات؟
المختص في الشأن "الإسرائيلي"، طارق أبو داود، علق قائلاً: " من العروف أن صحيفة هآرتس يسارية وتعتمد على أجندات معينة تقوم على نبذ القتل من كلا الطرفين سواء كان إسرائيليا أو فلسطينيا، بالإضافة إلى تجريم المقاومة الفلسطينية، وما يحدث ليس غريبا، فقبل شهرين نشرت " هآرتس" عن مجزرة حدثت في فلسطين نفذتها منظمة " الهاغانا" ووضحت بذلك صورة القتل، وأن هذه لا يصح القول عنها وثائق سريّة؛ لأنها تُخبأ إلى أن يسمح بكشفها للإعلام".
وأكد أبو داود، أنه من الطبيعي أن تنشر " هآرتس" مثل هذه الأخبار؛ لكون الأرشيف "الإسرائيلي" سمح بالنشر بالمعلومات المسموحة بالنشر فقط، فمثلاً ليس من الطبيعي أن يقوم الأرشيف بالموافقة على النشر في ظل أن أحد من مرتكبيه هذه الجرائم ما زال على قيد الحياة؛ لأنه بذلك سيتم عرضه على المحكمة إن رفعت قضية من طرف المعتدين عليهم".
عصابات تحت منصة جيش الاحتلال "الإسرائيلي"
ومن الجدير بالذكر، بحسب ما قال أبو داود أن منظمات الارتسل والهاغانا والأرجون كلها عصابات أو منظمات كانت متفرقة واليوم كلها تجمعت تحت اسم " القيادة الإسرائيلية" وذكر " هآرتس" لعصابة "إرتسل" كان بهدف إبعاد الفكر عن أنها تابعة " للجيش الإسرائيلي".
أما بالنسبة لطبيعة الجرائم التي كُشفت، يقول المختص في الشأن "الإسرائيلي" صلاح خواجا: " هذه الوثائق وغيرها تؤكد أن طبيعة الاحتلال قائمة على الإرهاب والقتل للعشب الفلسيني، وذلك بدأً من انتهاك كل المواثيق والقوانين الدولية التي اعطت الحق للاحتلال بإقامة دولتهم على مساحة 48% من مساحة أراضي فلسطين التاريخية ولم تلزم الاحتلال أن يكون هناك دولة فلسطينية على ما تبقى من أراضي فلسطينية بحسب قرار " 181".
وأضاف خواجا القول: " ناهيك عن أن " إسرائيل" فرضت نفسها على أكثر 70% من مساحة فلسطين التاريخية، ولم يصدر أي قرار دولي يلزم "إسرائيل" بقراراتها، واليوم نقف أمام واقعِ جديد، وباعترافٍ للجرائم التي ألمت بالشعب الفلسطيني".
مطالبة دولية
وأشار خواجا إلى أن هذه الوثائق تظهر حجم الدمار الذي تعرض له الشعب الفلسطيني من إرهابٍ وحشي وقع عليه عام 1948، وهذا لا يقل عما كتبه إيلان بابي الكاتب "الإسرائيلي" الذي تحدث عن النكبات والتطهير العرقي الذي مورس بحق الشعب الفلسطيني، وبالتالي يجب على القيادة السياسية أن تعتبر ما حدث أساس لمحاكمة وملاحقة " إسرائيل" في محكمة الجنايات الدولية وأن تطالب في محكمة العدل الدولية بالبت في وضعية الاحتلال بإعتبارها مرتكبة للكثير من الجرائم البشعة بحق الشعب الفلسطيني".
ومن الجدير بالذكر أكثر من 15 ألف فلسطيني استشهدوا، ونزح أكثر من 800 ألف من أصل 1.4 مليون فلسطيني من قراهم ومدنهم قسراً، وتوجه غالبيتهم إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المجاورة في عام 1948.