نبأ – الخليل – لؤي السعيد
كثيرًا ما نسمع أو نقرأ عن قصص إنسانية ومحفزة يسطرها أصحاب متلازمة داون في شتى مناحي الحياة؛ لكن قصة الشيخ أمجد الكركي "41" عامًا من مدينة الخليل ربما تختلف عن هذه القصص.
أمجد الكركي أحد سكان البلدة القديمة وسط الخليل، يبعد منزله أمتارًا قليلة عن حاجز أبو الريش الذي يفصل مدينة الخليل الجنوبية عن وسطها، قبيل كل صلاة يستعد للخروج من منزله ليس للصلاة فحسب بل ليفتح أبواب مسجد "زاوية أبو الريش" وينادي على سماعات المسجد بالصلاة رافعًا الأذان وداعيًا للخمس صلوات طوال اليوم.
بكلمات متلعثمة بعض الشيء يقول الشيخ أمجد أنه في كل يوم يفتح ويغلق أبواب الزاوية إذ يملك مفاتيح المسجد، ويرفع الأذان من الفجر حتى العشاء، معبرًا عن فرحته الغامرة لما يفعله، ويضيف أنه عند انتهاء الصلاة يبدأ بترتيب المسجد وتنظيف ساحته الخارجية، مشيرًا إلى أنه يفعل ذلك تطوعًا لله ورغبة منه في زيارة البيت الحرام للحج.
والد أمجد يقول أن ابنه "الشيخ أمجد" بدأ بخدمة الزاوية منذ قرابة الـ9 سنوات، حين قامت دائرة الأوقاف بإحالة مؤذن المسجد للتقاعد، ولم يتسلم موظف جديد أمور المسجد ما دفع أمجد إلى سد الفراغ من خلال رفع الأذان والقيام بأعمال التنظيف.
أبو محمد أحد رواد المسجد يقول إن أمجد بالنسبة لهم كل شيء، إذ أن الاعتماد الأول والأخير عليه، مشيرًا أن لولا وجوده لأغلق المسجد منذ وقت طويل في ظل الفراغ الذي ترك خلف الموظف القديم، ويضيف أنه وفي أوقات كثيرة يكون عدد المصليين قليلًا ولكن قلة المصلين أو غيابهم لا تثني أمجد عن فتح أبواب المسجد.
النقص الشديد في كوادر وزارة الأوقاف دفع أهالي المناطق المهمشة والبعيدة والتي تخضع للسيادة الإسرائيلية إلى أخذ هذا الدور على عاتقهم من رفع الأذان وتدبير شؤون المسجد.
زاوية أبو الريش إحدى الزوايا التي توجد في محيط البلدة القديمة، وتقع على خطوط التماس مباشرة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه، إذ سيطرت قطعان المستوطنين على عدد من البيوت القريبة من الزاوية ما جعل الوصول إلى هذه المناطق أشبه بالمستحيل في ظل إجراءات الاحتلال التي تهدف لتهويد المنطقة ومصادرة الأملاك الفلسطينية في محيط الحرم الإبراهيمي في خطة تهويد واضحة ترمي إلى بناء أحياء استيطانية تحيط بالمنطقة.
وفي محيط المسجد يوجد عدد كبير من كاميرات المراقبة الإسرائيلية، لتأمين ما يعرف بحاجز أبو الريش العسكري على المدخل الجنوبي لحرم الإبراهيمي والبلدة القديمة، والذي يعتبر من أكثر الحواجز إجراما ودموية، إذا استشهد عليه وأصيب العشرات من الشبان بزعم محاولات تنفيذ عمليات ضد جنود الاحتلال، إضافة لما يتعرض له مئات المواطنين من تنكيل واعتداءات وبشكل يومي من قبل جنود الاحتلال ومستوطنيه المتواجدون على الحاجز ومحيطه.